هدفت هذه الدراسة إلى معرفة العلاقة بين الاستخدام المفرط للمستحدثات التكنولوجية وصعوبات التعلم لدى أطفال المرحلة الابتدائية1. تنبع أهمية البحث من ضرورة تسليط الضوء على خطورة ظاهرة الإفراط في استخدام التكنولوجيا الرقمية وما يترتب عليها من تأثيرات سلبية على جوانب النمو المتعددة للطفل. واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي الارتباطي 2، وطُبقت على عينة تكونت من 50 تلميذاً من مدرسة العمار الابتدائية مركز طوخ محافظة القليوبية. استخدمت الباحثة ثلاث أدوات رئيسية لجمع البيانات: استبيان التقرير الذاتي للآباء لقياس الاستخدام المفرط للأجهزة المحمولة، اختبار الذكاء للأطفال لاستبعاد حالات الإعاقة العقلية وضمان أن العينة لديها ذكاء عادي نسبيًا، ومقياس صعوبات التعلم لتشخيص وقياس الصعوبات النمائية والأكاديمية والاجتماعية والانفعالية. وأظهرت النتائج الرئيسية للدراسة وجود علاقة ارتباطية دالة بين الاستخدام المفرط للمستحدثات التكنولوجية وصعوبات التعلم لأطفال المدرسة الابتدائية. وتفسير النتائج ومناقشتها: تُفسر هذه العلاقة من خلال تأثير الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، خاصة ألعاب الفيديو جيم والأجهزة المحمولة ، على عدة جوانب نمائية وأكاديمية:
الصعوبات النمائية (المعرفية واللغوية): يؤدي التحفيز العالي والتغير السريع في المؤثرات البصرية والسمعية إلى تعويد دماغ الطفل على الإثارة، مما يسبب اضطراباً في الانتباه وقصوراً في الإدراك في البيئة الصفية الهادئة. كما يضعف الاستخدام المفرط كفاءة عمليات التمثيل المعرفي والبناء المعرفي للطفل، ويسهم في ظهور صعوبات في اللغة الشفوية والاستقبال السمعي. الصعوبات الأكاديمية: الاستخدام المفرط يترك وقتًا أقل لممارسة الأنشطة الأساسية، مما يؤدي إلى تراجع الأداء المدرسي واضطراب في تعلم القراءة أو الكتابة أو الحساب. الصعوبات الاجتماعية والانفعالية: يؤدي الانغماس في عالم التكنولوجيا إلى انسحاب الطفل من الواقع وضعف قدرته على التمييز بين الخيال والواقع. ويرتبط الاستخدام المفرط بـ مشاكل سلوكية، وارتفاع مستوى الانفعالية والهياج العصبي، وظهور السلوك العدواني.
وتوصي الدراسة بضرورة رفع وعي الآباء والأمهات بخطورة هذه الظاهرة، ووضع قوانين صارمة لتقييد الزمن المخصص لاستخدام الأجهزة المحمولة مع توجيهه نحو الألعاب التعليمية5. كما يجب على المدارس والأسر تعزيز الأنشطة التي تتطلب انتباهاً مستداماً وتفاعلاً مباشراً مع الواقع، وضرورة تضمين الصعوبات الاجتماعية والانفعالية في برامج التشخيص والتدخل. وتشدد الدراسة على أهمية تصميم وتنفيذ برامج تدخل مبكر لتنمية المهارات النمائية كالذاكرة والانتباه والإدراك.